لا شك أن التربية السليمة للأبناء هي من أهم الأشياء، ولا شك أيضاً في أن تربية الأبناء فن وعلم أيضاً يحتاج كل أب وكل أم بل وكل شاب وفتاة إلى اكتسابه من أجل تربية الأبناء تربية سليمة وحمايتهم من الاضطرابات النفسية والسلوكية.
ومن الضروري أن نكون حريصين على حماية أبنائنا من تلك الاضطرابات النفسية والسلوكية التي قد يكتسبوها أثناء التربية.
لأن تلك الاضطرابات خطيرة وقد تكون أخطر عليهم من أي خطر آخر، وتكمن خطورتها في أنها تلازمهم على مدى حياتهم وتصبح جزءً منهم ومن تركيبة شخصياتهم.
وما أبشع أن يكون الانسان ومصيره ومستقبله وحياته كلها ضحية لمثل هذا النوع من الاضطرابات النفسية والسلوكية.
فالاضطرابات مثل العقد النفسية بأنواعها المختلفة سواء كانت ناشئة عن صدمات مر بها الطفل أو الأسرة أو كانت ناتجة عن سوء تعامل الأسرة مع طفلها.
وغيرها من الاضطرابات مثل الدونية أو احتقار الذات وعدم الثقة بالنفس، وانعدام حس الالتزام كلها تلازم الأبناء لبقية حياتهم وتصبح جزء من شخصياتهم، ولا شك أن شخصية الإنسان هي التي تحدد مصيره.
وهذه الاضطرابات أيضاً عندما تصيب الأبناء وتتمكن منهم وتلازمهم وتصبح من شخصياتهم فإنها تتملكهم وتستحوذ عليهم.
الأمر يشبه الفيروس الذي يصيب جهاز الكمبيوتر فعندما يصاب جهاز الكمبيوتر بالفيروس فإننا نجد أن عمله أصبح أبطأ من قبل وأن بعض الملفات قد اختفت وأصبح يغلق فجأة ويفتح نوافذ من تلقاء نفسه.
وببساطة فإن جهاز الكمبيوتر لم يعد ملكنا نحن، بل أصبح ملكاً للفيروس الذي يتحكم فيه.
وكذلك الحال مع تلك الاضطرابات النفسية والسلوكية التي تتكون لدي الأبناء نتيجةً لسوء التربية فهي التي تتحكم فيهم وفي سلوكهم، وربما يخرجون عن السيطرة.
وهؤلاء الأبناء هم الذين يكون لديهم الاستعداد لكل أشكال الانحرافات السلوكية والأخلاقية قد يخرجون على القانون وعلى العرف الاجتماعي وعلى الفضيلة، قد يسرقون أو يدمنون المخدرات أو يمارسون الشذوذ الجنسي.
وقد يتحولون إلى مجرمين فيقتلون ويسرقون ويغتصبون ويتاجرون بالمخدرات وينضمون إلى العصابات.
انهم ببساطة يتحولون إلى اضطرابات اجتماعية تسبب الأذى للمجتمع ككل مثلما تسببت الاضطرابات النفسية الناتجة عن سوء التربية في الأذى لهم ولحياتهم.
نعم، الأمر يشبه قصص المتحولون التي نراها في أفلام الرعب، يشبهها إلى حد كبير.
وقد لا يكون الأمر مرعب ومخيف إلي هذا الحد إذا كنت فقط تشاهده وهو يحدث في شاشة أو يحدث للآخرين.
قد يكون فقط محزن في هذه الحالة، لكن ماذا إذا كان الأمر يخص أبناؤك؟
عندما يتعلٌق الأمر بنا وبأبنائنا يكون وقعه أقوى ويكون أكثر أهمية بكثير من أي شيء آخر، وفي هذه الحالة يقفز الخوف إلي صدورنا.
الخوف على مستقبل أبناؤنا، والخوف على ثمرة جهودنا التي نبذلها لسنين في تربية الأبناء، الخوف من أن نضل سبيلنا فنكون من ” الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً “.
والخوف من أن نكون أباء سيئين يعرفون الصواب ولا يفعلوه، أدركوا الخطر الذي يهدد أبنائهم ولم يجنبوهم اياه.
ولا شك أنك قد أدركت هذا الخطر بقراءة هذا المقال البسيط المتواضع، الذي قادتك يد العزيز الخفية إلى قراءته.
تلك اليد نفسها التي قادت يد كاتبه إلي جمع تلك الأحرف وتكوين تلك الكلمات، انها بلا شك طريقة من الطرق التي يتحدث بها الله إليك، ألم يقل في قرآنه ” أقرأ “.
من الجيد أن ينشأ هذا النوع من الخوف لدينا لأن الخوف هو الذي يحرّكنا إلى فعل شيء لاجتنابه، هو الذي يجعلنا نكن أكثر التزاماً وأكثر حرصاً على ألا نسقط في الهاوية.
من الجيد أن نعرف كيف يتحول المتحولون إلي مدمنين ومجرمين ومنحرفين لأن تلك المعرفة ذاتها هي التي تستطيع تحويلهم إلي مبدعين وعلماء وعظماء.
تم التحديث في 17 أكتوبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان