أنا أحد الشباب الذي وقع في دوامة الادمان بداية من الحشيش والخمر ووصولا الي الاخطر على الاطلاق ” الهيروين ” …
لا استطيع القول انني نشأت في اسرة يجوبها المشاكل مما دفعني الى الادمان ، بل علي العكس تماماً ، فلقد نشأت في أسرة متفاهمة يجوبها الاستقرار ، ومستوي اجتماعي فوق المتوسط.
ربما اتذكر أن طفولتي كانت مختلفة بعض الشئ ، فدائماً كنت أشعر بالراحة عند الجلوس مع من يكبرني سناً واحاول ان اتكلم مثلهم ، أمر كانت يستشعره كل من حولي ويستغربه كثيراً .
المحتوى
شرارة الادمان الأولى
بدافع التجربة ، بدأت في تدخين السجائر وانا في المرحلة الاعدادية ، شعرت وقتها بالسعادة البالغة لانني استطعت ان افعل ذلك دون معرفة اهلي ، كما منحي ذلك شعور مزيف بالرجولة … وبدأ حب التجربة يدفعني الى ارتكاب العديد من المعاصي مثل القيام باعمال جنسية والسرقة احيانا لمجرد الشعور بالانتصار .
وعندما بلغت 16 عام ، بدأت فصل جديد في عالم المخدرات ، انه مخدر الحشيش ومن ثم شرب الخمر لأول مرة في حياتي ، حينها شعرت انني ملكت الدنيا ، ولا احد يستطيع ان يفعل مثلي.
أثناء هذه الفترة, كثرت شكوك اهلى حولي ، نتيجة الاحاديث السرية في الهاتف وكثرة السهر وخاصة خارج المنزل ، ولكن لا احد استطاع ان يتهمني بالتقصير نتيجة اجتهادي في الدراسة … لقد نسيت ان ابلغكم .. انني خلال هذه الفترة كنت بارع في الغش وتزوير الشهادات الدراسية.
لم يتوقف الامر معي عند هذا الحد ، فكنت عندما اسمع عن حبوب الهلوسة وادوية الكحة المخدرة ، كان ذلك يثير فضولى ، وما كان الا فترات قليلة ، وبدأت فصل جديد في عالم المخدرات يحمل عنوان ” البرشام “
استمتعت به ، فوجدته ” يعمل دماغ جامدة جدا ” ، وجعلتني هذه المواد ألجأ الى السرقة لكي استطيع ان احصل على نقود تساعدني في شراء هذه المواد. فكان يومي يبدأ في المساء ، فأجتمع مع اصدقائي لتعاطي المخدرات ثم نبحث بعد ذلك عن السيارات الموجودة في المناطق الهادئة ونقوم بسرقتها ، واستمر هذا الأمر حتي علمنا ان الشرطة اصبحت تبحث عنا ، واننا اصبحنا على بعد خطوات من السجن. وبالفعل لم يمر وقت طويل حتي تم القبض علينا كأخطر تشكيل عصابي لسرقة السيارات.
كان هذا الحدث بمثابة الصفعة على وجهي لهذه الحياة القذرة التي كنت أعيشها ، ولن أتحدث عن صدمة أهلي الذين رأيت في اعينهم نظرات الحسرة ، ورغم ذلك يسعون بكافة السبل الممكنة لإنقاذي من هذه الكارثة ، وبالفعل نجحوا في ذلك.
خرجت من هذه التجربة متخذ قراري بالاقلاع عن المخدرات وعدم العودة اليها مرة اخرى. وبالفعل استطعت ان اصمد وابتعدت عن هذا العالم لعدة ايام ، ولم استمر كثيراً حتى شعرت بالملل ، فتحدثت لنفسي ، لما لا اعود للخمر والحشيش مرة اخرى على سبيل الترفيه ، وابتعد تماما عن البرشام ؟
رحلة العودة إلى المخدرات والانتكاسة
بالفعل عدت مرة اخرى الى هذه السموم ، وخلال هذه الفترة عرض علي احد الاصدقاء دواء كحة، ، قمت بتجربة هذا الدواء وكان له مفعول السحر ، فقد اصبحت استمد قوتي من هذا الدواء. واستمررت في تعاطي هذا الدواء لفترة ، حتي انتهي بي الامر الى السرقة مرة اخرى ، ولكني في هذه المرة كنت اسرق هذا الدواء من الصيدليات بعدما ارتفع سعره بصورة كبيرة ، وخلال هذه الفترة عرض علي احد الاصدقاء خيار جديد يوفر لي نفس الشعور ولكن بنصف الثمن .. تحمست كثيراً وقلت له “ياله من خيار جيد …. الحقني به” ..
الهيروين .. القاتل الصامت
لم اكن اعرف ان جرعة من مخدر الهيروين تأخذني الى رحلة جديدة من العذاب ، وكانت بداية هذه الرحلة عن طريق الشم ، وتطور الامر معي حتي الحقن ، بداية الدمار الفعلي ، ومنذ تناول ثاني جرعة ، بدأت معاناتي الحقيقة ، فلم يبدأ يومي الا بعد تناول هذا السم ، الامر الذي انعكس بصورة مباشرة على دراستي الجامعية ، فقد رسبت مرتين .
واستمريت في التعاطي ، وحصلت على الشهادة الجامعية بالتزوير .. لقد كنت بارع في ذلك من قبل ، وبعد ذلك اتممت الخدمة العسكرية ، وسافرت الى العديد من الدول العربية والاوربية هروبا من الهيروين ، ولكني في كل بلد سافرت اليها استطعت ان أصل الي الهيروين واتعاطاه.
بعد فترة توفيت والدتي ، وحصلت على إرث ليس بالقليل ، حينها كنت لا اعمل ، وقمت ببيع هذه الاملاك بحثا عن السم الابيض. وخلال هذه الفترة كنت تزوجت ورزقني الله بمولودة ، ثم الاخرى ، وانا مازالت غارق في بحور السموم . وازدادت المشكلات بيني وبين زوجتي، وفجأة اكتشفت انه لا يوجد احد بجانبي ، ولا املك عمل او مال …
في هذا الوقت قررت ان اذهب لاختي الكبيرة واصارحها بالحقيقة بأكملها ، ومن هذه اللحظة شعرت ان هناك من يدعمني ، وبالفعل قامت بالعديد من الاتصالات وسرعان ما وجدت نفسي امام احد الاطباء المتخصصين في الادمان … وشعرت بتحسن كبير بعد جلساته معي ، فمازال هناك امل ..فلما لا اتمسك به ؟
رحلة العلاج من الادمان والولادة من جديد
بالفعل خضعت الى طرق العلاج بداخل احدى المصحات المخصصة لذلك لمواجهة الاعراض الانسحابية ، ومن ثم ظهر لي امل جديد في صورة شخص متعافي من الادمان يعمل بتلك المصحة.
استمرت رحلتي مع خطة 12 خطوة للعلاج ، وما هي الا اشهر قليلة وشعرت انني شخص آخر أو إنسان جديد .. وبدأت حياتي مرة اخرى واستطعت ان احصل على عمل بفضل الله ثم العاملين بهذه المصحة ، لذلك اخذت قراري بالتطوع من اجل مساعدة المدمنين بالتعافي ، وبعد فترة من التطوع اصبحت مشرف علاجى تحت التمرين، ثم بعد ذلك مشرف علاجي بعد اتمامي سنة ونصف من التعافي، وقررت ان ادرس واحصل على شهادة فى علاج سلوكيات الأدمان…… والان يحدثكم م. م. 39 عاما ” معالج للإدمان ” .
بقلم/ منى المتيم
تم التحديث في 17 أبريل,2021 بواسطة موسوعة الإدمان
لله الامر من قبل و من بعد ..